البسملة وأسرارها

الاثنين، 31 أكتوبر 2016

البسملة وأسرارها
جاءت البسملة في القرآن الكريم (114) مرة على عدد سور القرآن وذلك في بداية كل سورة إلا سورة التوبة ، ومرتين في سورة النمل ، مرة في بدايتها ومرة في سياق السورة ، وذلك في قوله تعالى : إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وإنهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ .
وفي الاصطلاح الصوفي :
يقول الشيخ أبو القاسم السمرقندي الحكيم : « بسم الله الرحمن الرحيم : هي إشارة إلى المودة بدءاً » .
ويقول الفخر الرازي : « البسملة ... إشارة إلى ما ينبغي من الاعتقادات والعمليات » .
ويقول الشيخ ابن عربي : « البسملة : هي إشارة إلى أم الكتاب الثالث ، وهو العرش » .
ويقول الشيخ عبد الكريم الجيلي : « البسملة : هي عبارة عن كلمة ( كن ) ، لأن الله تعالى أظهر الموجودات بواسطة الكلمة ، كذلك أظهر سور كتابه العزيز بواسطة البسملة » .
ويقول الشيخ محمد المراد : « البسملة : هي كلمة قدسية من لوح الهداية ، وخلعة ربوبية من خلع الولاية ، ومفتاح الخيرات من كنوز العناية ... وهي مشتملة على وصف الجلال المطلق والمقيد » .
ويقول الشيخ إسماعيل حقي البروسوي : « البسملة ... هي مفتاح القرآن ، وأول ما جرى به القلم في اللوح المحفوظ ، وأول ما نزل على آدم - عليه السلام - . وحكمة تأخرها عن الاستعاذة تقدم التخلية ... على التحلية والإعراض عما سوى الله على الإقبال والتوجه إليه » .
ويقول الشيخ سعيد النورسي : « بسم الله : هي رمز إلى الألوهية ، وفي تقديم الباء تلويح إلى التوحيد » .
والشيخ حسين رمضان الخالدي يقول : « بسم الله الرحمن الرحيم : بمعنى به كان ما كان وما سيكون » .
سبب افتتاح السور القرآنية بالبسملة :
يقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي : « افتتح السور بالبسملة : لأن السور بيوت ومنازل ، فباب كل بيت البسملة ، ومعناه أن من دخل آمن ، لأنه طمأنه بالرحمة التي في البسملة التي هي الباب ».
منزلة البسملة
يقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدس الله سره : « بسم الله من العارف بمنزلة كن من الله تعالى » .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي : « هي للعبد في التكوين بمنزلة كن للحق ، فبه يتكون عن بعض الناس ما شاءوا … ولكن بعض العباد له ( كن ) دون بسم الله وهم الأكابر . جاء عن رسول الله في غزوة تبوك أنهم رأوا شخصاً فلم يعرفوه فقال رسول الله : كن أبا ذر فإذا هو أبو ذر ولم يقل بسم الله ، فكانت كن منه كن الإلهية » .
ويقول الشيخ ابن علوية المستغانمي : « إنها كلمة أثبتت المفعول وضمير الباء أثبت الفاعل ، وضميرها هو ضمير الإنسان الكامل ، أو نقول روح الوجود . وكل ما أضمرته الباء فهو من لوازم الشكر ... ولا يكون التصاق الباء بالاسم الأعظم من حيث كونها باءً ، بل يكون ذلك من حيث كونها ألفاً في صورة باء ، لأن التقدير في بسم الله الرحمن الرحيم اسم الله مبدوء به ، فلا باء حينئذ ، إنما هو ألف ، لأن التقدير يرد الأشياء إلى أصولها » .
ذكر بعض فوائد البسملة :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي قدس الله سره : « في بسم الله هيبته ، وفي الرحمن عونه ، وفي الرحيم مودته ومحبته » .
ويقول الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني قدس الله سره : « بسم الله للذاكرين ذخر وللأقوياء عز ، وللضعفاء حرز ، وللمحبين نور ، وللمشتاقين سرور ، بسم الله راحة الأرواح ، بسم الله نجاة الأشباح ، بسم الله نور الصدور ، بسم الله نظام الأمور ، بسم الله تاج الواثقين ، بسم الله سراج الواصلين ...قل بسم الله حرفاً حرفاً يأخذ الأجر ألفاً ألفاً ، وتحط عنك الأوزار جرفاً جرفاً . من قالها بلسانه شهد الدنيا ، ومن قالها بقلبه شهد العقبى ، ومن قالها بسره شهد المولى ... كلمة جمعت بين جلال وجمال ، فقوله بسم الله جلال في جلال ، وقوله الرحمن الرحيم جمال في جمال ، فمن شهد جلاله طاش ، ومن شهد جماله عاش . كلمة جمعت بين قدرة ورحمة ، فالقدرة جمعت طاعة المطيعين ، والرحمة محقت ذنوب المذنبين . قل : بسم الله فكأنه يقول : بي وصل من وصل إلى الطاعات » .
ويقول : « هذه كلمة تزيل الهم ، هذه كلمة تكشف الغم ، هذه كلمة تبطل السم ، هذه كلمة نورها يعم » .
البسملة والانتساب
يقول الشيخ الجنيد البغدادي قدس الله سره : « إن أهل المعرفة نفوا من قلوبهم كل شيء سوى الله ، وصفوا قلوبهم لله ، فكان أول ما وهب لهم غناهم عن كل شيء سوى الله ، فقال لهم : قولوا ( بسم الله ) ، أي : بي تسموا ، ودعوا انتسابكم إلى آدم » .
بين الاسم والمسمى
يقول الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - : « بسم الله للعامة ، والله لخاص الخاص » .
حقيقة البسملة :
يقول الشيخ الحكيم الترمذي : « سألتم عن حقيقة بسم الله ، فإن الدنيا لها سم ، لأنها شهوات ملهية عن الله ، فبسم الله يؤخذ السم حتى لا يضر وهو ترياق الدنيا ... حقيقة بسم الله لمن وصل إلى الألوهة » .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : « قيل: أن ( بسم ) لبقاء هياكل الخلق ، فلو افتتح كتابه باسمه الله لذابت تحت حقيقته الخلائق إلا من كان محفوظاً من نبي أو ولي ، والاسم : هو وسم الحق على قلوب أهل المعرفة . وقيل في ( بسم الله ) : أنه سمة أهل الحقيقة ، لكي لا يتزينوا إلا بالحق ، ولا يتسموا إلا به » .
البسملة وظهور الأشياء :
يقول الشيخ عبد المجيد الشرنوبي : « قال بعض العارفين : ولما كانت الأسماء الإلهية سبب وجود العالم ، كانت البسملة خير ابتداء ، فكأنه يقول بسم الله الرحمن الرحيم ظهر العالم ، فهي بيان لافتتاح الإيجاد ، والدخول إلى بيت الوجود بحسب الاستعداد » .
ويقول الباحث محمد غازي عرابي : « كل شيء بسم الله ، والشيئية ذاتها اسم من أسماء الله ، فهي منه وبه وإليه ، والاسم أساس الظهور ، والظهور اقتضى وجود الاسم ليكون صلة وصل بين التجريد الكلي والعيان الكلي ... أي كل شيء ظهر بواسطة الاسم » .
البسملة في علم الحروف :
يقول الإمام جعفر الصادق - عليه السلام - : « الباء : بقاءه . والسين أسماءه . والميم ملكه .
ويقول أيضاً : بسم ثلاثة أحرف : باء وسين وميم . فالباء : باب النبوة . والسين : سر النبوة الذي أسرَّ النبي به إلى خواص أمته . والميم : مملكة الدين الذي يعم الأبيض والأسود ... الباء : بهاء الله . والسين : سناؤه . والميم : مجده » .
ويقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري : « الباء بهاء الله - جل جلاله - . والسين سناء الله - جل جلاله - . والميم مجد الله - جل جلاله - » .
ويقول الشيخ ابن عطاء الأدمي : « الباء : بره لأرواح الأنبياء ، بإلهام الرسالة والنبوة . والسين : سره مع أهل المعرفة ، بإلهام القربة والأنس . والميم : منته على المريدين ، بدوام نظره إليهم بعين الشفقة والرحمة » .
ويقول الشيخ أبو بكر بن طاهر الأبهري : « الباء : بر الله بالعارفين ، والسين سلامة عليهم ، والميم محبته لهم » .
ويقول الشيخ أحمد البوني : « بسم الله ثلاثة أحرف : باء وسين وميم . قال : قال صاحب كنز اليواقيت : لتكون الأحرف الثلاثة مقابلة للأسماء الثلاثة الله والرحمن والرحيم . فالباء لله ، والسين للرحمن ، والميم للرحيم ، بمعنى الباء باب التوبة ، ومعنى السين سلم المغفرة ، والميم مستقر الرحمة لمن قرع باب التوبة » .
ويقول الشيخ عبد الرحمن الصفوري : « قيل : الباء : بابه ، والسين : سلامه ، والميم : إنعامه . وقيل : الباء : بركته ، والسين : سره ، والميم : معرفته » .
تأويل قوله تعالى : بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحيمِ
يقول الشيخ نجم الدين الكبرى : « بسم الله إشارة إلى الذات . الرحمن يشير إلى صفة الجلال . الرحيم إلى صفة الجمال » . ويقول : « يشير إلى أن بركة اسم الله ، وهو اسم ذاته تبارك ، وهو الاسم الأعظم ، ابتدأت بخلق العالمين إظهارا لصفة الرحمانية فالرحيمية ، ليكون عالم الدنيا مظهر صفة رحمانيته ... وفي الآخرة لا ينتفع بصفة رحيميته إلا المؤمنون خاصة » .
مجموعة أقوال للصوفية في البسملة :
يقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : « قوله بسم الله الرحمن الرحيم قال بعضهم : بالله سلمت قلوب أولياء الله من عذاب الله ، وبتعطفه تطرقت أسرار ( أصفياء الله ) إلى حضرته ، وبرحمته تفردت أفئدة خواص عباده معه . وقال بعضهم : ( بالله ) تحيرت ( قلوب ) العارفين في علم ذات الله ، وبشفقته وصلت علوم العالمين إلى صفات الله ، وبرحمته أدركت عقول المؤمنين شواهد ما أشهدهم الله من بينات الله . وقيل : بإلهيته تفردت قلوب عباد الله ، وبتعطفه صفت أرواح محبيه ، وبرحمته زكت نفوس عابديه . وقيل : باسم الله ترياق أعطي للمؤمنين ، يرفع الله به عنهم سم الدنيا وضرها » .
ويقول الشيخ ابن عربي : « لا يبرز بسر بسم الله إلا من تبدلت أرضه في سماه » .
ويقول الشيخ عبد الحق بن سبعين : « اقرأ كلمة بسم الله الرحمن الرحيم ، وتعلق بالبعض منها ، وتخلق بالبعض . واعلم أن معناها عظيم الشأن ، ولأجل شرفها وبما جمعت من الأنس والخير للمكلف قدمت قبل تلاوة كلام القديم والحادث ، وهي كلها من الحروف المتحابة ، إلا الأول منها وهو منها بالنظر إلى أصله » .
حكي عن بشر بن الحارث - رضي الله عنه - أنه سئل : ما كان بدء أمرك لأن اسمك بين الناس كأنه اسم نبي ؟ قال : هذا من فضل الله تعالى ، كنت رجلاً عياراً صاحب عصبية ، فوجدت يوماً قرطاساً في الطريق ، فرفعته ، فإذا فيه : بسم الله الرحمن الرحيم فمسحته وجعلته في جيبي ، وكان عندي درهمان ، ما كنت أملك غيرهما ، فذهبت إلى العطار ، فاشتريت بهما غالية ، وطيبت بها القرطاس ، فنمت تلك الليلة ، فرأيت في المنام كأن قائلاً يقول : يا بشر طيبت اسمي ، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة » .
باء البسملة :
يقول الشيخ سهل التستري : « الباء في ( بسم ) : هي بهاء الله - عز وجل - » .
ويقول الشيخ الجنيد البغدادي قدس الله سره يقول : « الباء في ( بسم الله ) : [ تعني ] بي وصلتم إلى اسمي الله » .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : « قيل : أن الباء في بسم الله : [ تعني ] بالله ظهرت الأشياء ، وبه فنيت ، وبتجليه حسنت المحاسن ، وباستتاره قبحت وسمجت » .
ويقول الشيخ ابن عربي : « باء البسملة : إشارة إلى أم الكتاب الثاني ، وهو القلم ولا ريب أنه كان مندرجاً فيها » وإن باء البسملة : هي ما ينزل منها البركة إلى كل قلب منيب .
ويقول الشيخ عبد المجيد الشرنوبي : « باء البسملة يعني : بي كان ما كان ، وبي يكون ما يكون ، ولذا قال بعض العارفين : ما رأيت شيئاً إلا ورأيت الباء مكتوبة عليه ، بمعنى : بي قام كل شيء . وإنما بدأت البسملة بالباء إشارة إلى أنه لا يتقدم إلى حضرته تعالى إلا أهل الانكسار » .
نقطة باء البسملة :
يقول الإمام علي بن أبي طالب ع : أنا تلك النقطة التي تحت الباء [ باء البسملة ] .
علق الشيخ عبد الغني النابلسي على قول الإمام قائلاً : « لا يخفى على أحد أن ذلك الباب الذي لمدينة العلم هو مبدأ الدخول ، كما قال تعالى : وَأْتوا الْبُيوتَ مِنْ أَبْوابِها وهو منتهى أي ما ينتهي إليه الإياب ، أي : الرجوع . فإن الخارج إنما يخرج من الباب أيضاً ، كما دخل منه ، قال تعالى : وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْني مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْني مُخْرَجَ صِدْقٍ كذلك أن في الباء سر الأزل من معنى الابتداء ، فإن كل شيء به تعالى لا بنفس ذلك الشيء ، والأشياء سر الأزل ، لأنها باطن الحق وقد ظهرت بالحق فهي الإجمال . وقد تفصل بالباء وافتتح القرآن العظيم بها ، وفي السين سر الانتهاء أي انتهاء الظهور بالأشياء ، لأن القرآن العظيم ختم بها في قوله تعالى : مِنَ الْجِنَّةِ والنّاسِ في جمعهما ، أي : الباء والسين في بسم الله الرحمن الرحيم ، اتحاد سر الأزل الذي في الباء وسر الأبد الذي في السين المشار إليه ، أي : إلى ذلك الاتحاد بنقطة الباء ، فإن أبد السين هو أزل الباء بعينه ، ولكن الفرق بينهما بمرتبتي التقديم والتأخير ، فحصل من ذلك المذكور أن علياً حيث قال : أنا تلك النقطة : بأنه مظهر أسرار رب العالمين التي في طي الأزل والأبد ، ومصدر علوم الأولين والآخرين من الملائكة والإنس والجن وبقية العوالم ، فإن جميع علومهم فقط على باء علم الحق تعالى
موضوع جميل اعجبني قلت نتشارك الاجر دعواتكم وافهموا هذه الجواهر فبها خير الدنيا والاخره

0 التعليقات:

إرسال تعليق